الخميس، 5 نوفمبر 2009

الفيس بوك مقهى الثقافة


الفيس بوك مقهى الثقافة بين آراءالكتاب و تجاربهم


صفحة مكتبة عمر بوك ستورز

على صفحات الـ"فيس بوك" ووسط هذا العالم الافتراضي الشاسع، ليس عليك إلا أن تتخذ مقعدك وتبحث عن ضالتك وسط مجموعات لا حصر لها وأسماء ووجوه تتعدد.. وكثيرا تتشابه. أما إذا كنت من محبي الأدب والباحثين عن الثقافة والإبداع فعليك أن تدخل هذا المقهى الكبير لتلتقط كتابا أوتقرأ خاطرة، وتطل على هؤلاء الكتّاب تطرق بابهم أو تهمس إليهم.. ترى إبداعاتهم وتصل إليهم.. تمد يدك تصافحهم.. تتعرف عن قرب على كتّاب وكتابات من مختلف التخصصات والإتجاهات.

فهل أصبح الفيس بوك مقهى للمثقفين يغنيهم ويغتني بهم؟ هل أصبح يقوم بدور الكبار يتبنى المواهب الشابة يظهرها ويُعرف بها؟! .

يرى الشاعر عصمت ضيف الله أن الفيس بوك أداة للحث على الكتابة والإبداع، وأنه "فرصة لإيجاد أصدقاء بصفات من الصعب أن نقابلهم فى حياتنا العادية وربما نمضى كل العمر دون لقائهم" ، وهو "مرآة لترى إبداعاتك فى عين الآخرين".

الفيس بوك وسيلة دعائية هائلة ليس للمكتبات فقط، ولكن لكل شيء سواء أشخاص أو مكتبات أو غيرها كما تؤكد ناهد سمير المنسق الإعلامي لمكتبة "عمر بوك ستور"، موضحة أن الاستفادة التي عادت علي المكتبة منه ملموسة جداً سواء عن طريق التعريف بها بشكل أكبر أو التفاعل بشكل أسرع مع الزوار, وكذلك نشر أنشطتهم ومشاركة الأعضاء فيها.

وتؤكد ناهد أن الترويج للإصدارات الجديدة عن طريق الفيس بوك يؤثر على زيادة المبيعات، بدليل أن معظم دور النشر لها "جروبات" علي الفيس بوك لتنشر من خلاله الجديد من إصدارتها وهو نفس الشيء الذي تفعله المكتبات ، كما أن الكتّاب أنفسهم يروجون لأعمالهم علي الفيسبوك من خلال أصحابهم أو الوصول لقراء ربما لا يعرفونهم وهذا هو الهدف الأساسي أن يتم الوصول لكل الناس بكل الطرق سواء الفيس بوك أو غيره.

كثير جدا من المواهب لم تعرف إلا عن طريق هذا الموقع، كما تقول المنسقة الإعلامية لـ"محيط" ، سواء كانوا كتابا ومدونين تعرفوا علي دور نشر وظهرت كتاباتهم الآن في السوق، ورسامين وغيرهم. وتختتم قائلة "الفيس بوك موقع للدعاية وللتواصل يجبرك ألا تفتح غيره".



صفحة عمرو الجندي
صفحة ميلاد

الكاتب الشاب عمرو الجندي قال "لقد استفدت كثيرا من الفيسبوك بتعريف الناس بأعمالي من خلال نشر تلك الأعمال ما بين القصة والشعر والمقالة على صفحات الفيس بوك بين الكتاب والأدباء والقراء ، مما أهّل العديدين للتعرف علىّ كشاب في بدايات مشواره من بين مئات الشباب التي تحاول بجدية أن تحرر صفحة ميلادها بين المبدعين".

ولا يعتقد الجندي أن الفيس بوك تحول إلي مقهى ثقافي بمعنى الكلمة، ولكنه قد يحمل معظم مميزات وصفات المقهى الثقافي في تبادل الأعمال المقروءة والمسموعة أحيانا أخرى. وقد أصبح لجميع دور النشر تقريبا تواجد عليه مما سهل التفاوض بشأن أمور الكتابة، كما أعطى للدار فرصة للحكم على أعمال كاتب أو شاعر ما من خلال أعماله المطروحة على الفيس بوك.

ويؤثر الإعلان عن الإصدارات الجديدة في زيادة المبيعات، فيقول الكاتب الشاب أن "هناك العديدين الذين يسألون يوميا عن أماكن بيع الكتب الخاصة بى وهناك من يأتيني قائلا لقد أعجبت بما تخط وقد قمت بشراء كتاب لك وربما يصلني بعض النقد أحيانا مما يعمل على التطوير أو على الرد بصورة بناءة".

ولكن قد يحقق الفيس بوك للكثيرين شهرة زائفة أحيانا كما يقول الجندي لـ"محيط" : "لقد رأيت ذلك مع الكثيرين حيث قد تكون حملة الإعلان عن كتاب لا يحمل أي نوع من الأدب كما حدث مع بعض الكتب التي تحمل أسماء معينة لكنها في العمق لا تحوى ما يعينه اسم الكتاب، بل مجرد ( فقاعة ) ولن تدوم".

يؤكد الكاتب الشاب أيضا أن الفيس بوك أعطى للكثيرين الفرصة لعرض مواهبهم وأيضا التعرف على أقلامهم وهذا ما حدث معه على "الجروب" الخاص حيث تم اكتشاف أكثر من موهبة شابة ما بين الممتاز والجيد.

ويمكن الاستفادة من الفيس بوك في العديد من القضايا كما نرى المجموعات التي تناشد الحكومة بفعل ما وفئات الشعب وأيضا المجموعات التي تقوم بعمل توعية للمواطنين مثل "لا للتحرش الجنسي"، "يا تؤجلوا الدراسة يا ترفعوا الغياب" الخاص بأنفلونزا الخنازير، وغيرها من المجموعات التي تسعى جاهده ليكون لها صوت مسموع، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على قيمة الفيس بوك وتفاعله ليس بين الكتاب فقط وإنما القراء أيضا . كما أن هناك بعض المثقفين الكبار الذين يقومون ببث أعمالهم ومواعيد ندواتهم وما إلى ذلك، وهناك أيضا من يقاوم بقلمه لأجل القضية الفلسطينية والعراقية ما بين شباب وكبار.

وفي النهاية يتمنى الجندي أن تقل ظاهرة مجاملات أصدقاء بعض الكتاب على الفيس بوك ، والتي تحدث ضجة حول أعمال لا تستحق القراءة على الإطلاق .



صفحة محمد العشري
الفضاء البعيد

الروائي محمد العشري صاحب "خيال ساخن" يرى أن شبكة الإنترنت أسهمت إلى حد كبير من خلال المدونات، والمنتديات، والفيس بوك في التواصل مع الجيل الشاب من القراء، وخاصة مع القارئ خارج أرض البلد الواحد مما يمثل نقلة نوعية، وإضافة إلى وسائل الإعلان والدعاية عن الكتب، وأسهمت في رواج الكثير من الكتب والروايات، ويظن أن هذه أكبر مزايا شبكة الإنترنت، أيضاً لأنها تتيح التواصل مع قدر كبير من الصحف والمطبوعات على نطاق واسع، وهو أمر صعب تحقيقه على أرض الواقع.
ويؤكد أن الفيس بوك بالفعل تحول لمقهى ثقافي كبير، منفتح على عوالم كثيرة متنوعة ومتعددة، تمسك بأطراف بعيدة، وتجعلها تثرثر وتتناقش، تتجاذب وتتنافر، تحب وتكره.

ويؤكد العشري أن ميزة الفيس بوك أنه يجمع أصحاب الاهتمام الواحد، والإبداع المشترك (الرواية والشعر والقصة والنقد)، والمهن المتشابهة: (الصحافة، والإعلام، وغيرها) في مجموعات مع بعضهم البعض، مما يسهل عملية التواصل بينهم، كما أن الفيس بوك يخلق نوعاً من العلاقة المباشرة مع قارئ يدفعه الفضول إلى قراءة أعمال أو أسماء سمع بها، أو قرأ لها أو عنها، ربما عن اهتمام، ربما صدفة، وربما بدافع حقيقي، وأتاح له تواجده على الفيس بوك أن يلتقي بهم، ويتحاور معهم بشكل مباشر، حتى وإن كان ذلك التواصل في عالم افتراضي، إلا أنه عالم قابل للتحقق على أرض الواقع، من خلال التواصل الحي، إضافة إلى أنه ساهم في جذب الكثيرين إلى عالم القراءة، ووسع من حلقة الدعاية المجانية للأعمال الإبداعية، وهي ميزة إعلامية ممتازة، توفرها تلك الشبكة الواسعة الانتشار والتأثير.

المثير ما يرويه العشري لـ"محيط" من أن هناك صداقات بدأت افتراضية عبر الفيس بوك وتحولت بعدها لعلاقات مميزة على أرض الواقع ، ويتواصل مع هؤلاء الأشخاص بشكل حقيقي وفعال مما أفاده كثيرا ، مثل زيادة انتشار روايته الأخيرة " خيال ساخن " وإعادة قراءة رواياته السابقة .

يضيف الكاتب والروائي : أظن أن غالبية الشباب المصري يجد نوعاً من المتعة والتسلية والاستفادة والتعبير عن رأيه في أمور كثيرة: (اجتماعية، دينية، سياسية، ثقافية،..) في الحضور على شبكة الانترنت، خاصة في الفيس بوك، وهي ظاهرة لها إيجابياتها وسلبياتها، لكنها في النهاية قفزة في تكنولوجيا التواصل علينا أن نستفيد منها، بقدر اهتمامنا، وما يمكنه أن يدفعنا إلى الأمام في مجال تخصصنا ويلون حياتنا بالمزيد من البهجة والفرح، ألا تستحق حياتنا ذلك؟



سهى زكي
منبر للتنفيس

الكاتبة الشابة سهى زكي ترى أن الفيس بوك هو إضافة للإعلام عموما وخاصة الإعلام الثقافى والذى يعتمد على القراءة والكتابة أكثر من المشاهدة والاستماع، وتقدر الفيس بوك الذي أتاح لشريحة واسعة من القراء مطالعة أعمالها والتعليق عليها ونقدها فور النشر ، وهذا أكثر ما يسعد الكاتب عموما ، كما أنه ساهم في تشجيع كتاب جدد للدخول للساحة الثقافية لتأثرهم بآخرين بارزين على الفيس بوك ، وهذا بدوره جعل هناك تواصلا بين المواهب الصاعدة والكتاب المعروفين فحدث ثراء شديد للثقافة عبر هذا الوسيط ، ومن جهة ثالثة يؤدى الفيس بوك دورا دعائيا وإعلانيا شديد الأهمية من خلال الإعلان عن الندوات والمؤتمرات واللقاءات حتى بين الأصدقاء .

تتفق الكاتبة تماما في تحول الفيس بوك لمقهى ثقافي، وتقول أن مقهى أثيرى هي فكرة رائعة وتناسب خيال الكاتب وخاصة من يهتمون بأن يتواصلوا مع القارىء ، ومن الدلائل التى تشير لتحوله لمقهى تلك المجموعات التى تنشأ للكتاب أو الفنانين محبى فلان أو كارهى فلان.

أصبح الفيسبوك منبرا للتنفيس عن الرغبات بكل حرية ودون قمع الخطوط الحمراء فى الصحافة الورقية أو قمع الناشرين فى دور النشر أو حتى قمع الناس العاديين أنفسهم، كما تؤكد سهى زكي لـ"محيط" ، موضحة أن أكبر دليل على ذلك انطلاق حركة 6 أبريل من الفيسبوك والتى بدأت كدعابة أو كتنفيس مرح ثم تحولت لعمل جاد وجماعة حقيقية تقيم المظاهرات وتصرخ بالاحتجاجات من أجل قضايا بعينها والكثير من الجماعات التى تدعو لافكار تؤمن بها وتريد أن تدعو لها، بمعنى أن الفيسبوك أصبح طاقة نور للكثير من الناس الذين لا يقوون على التفاعل مع الجماهير بشكل مباشر.

وقد زاد الاهتمام بترويج الكتب من قبل دور النشر على الفيس بوك نظرا لسهولة ومجانية هذه الوسيلة، فأصبح كل تتكلفه دور النشر لتقول أن لديها كتابا جديدا هو "كيبورد" فقط.

منافسة إبداعية

تضيف الكاتبة سهى زكي أن الفيس بوك أصبح وسيلة للأدب التفاعلي، إذا أن الكثير من الكتاب الذين لا يعرفون بعضهم على أرض الواقع؛ يتقابلون ويتصادقون على النت ويتفاعلون بنصوص شديدة الأهمية وتتحول لمنافسة فى الإبداع لصالح القارىء، كما يتعارف الكتاب من دول مختلفة فأصبحت لا تحتاج لنظام مؤسسى لينظم تعارفك على الكتاب من بلاد أخرى أو حتى تسافر لتتبادل معهم ثقافتهم فهذه ميزة كبيرة للغاية ، ولكنها تتوقع ظهور برنامجا أحدث ينافس الفيسبوك .

من جانبها تروي الأديبة الشابة أميمة عز الدين تجربتها الشخصية مع الفيس بوك بقولها : "لا انكر أنه ساعدنى على التواجد وتعريف الناس بى ككاتبة، كما انه ساعد على تبادل الآراء ووجهات النظر وتكوين صداقات حقيقية مع مثقفين يدركون قيمة الكلمة.. بالطبع الأمر لا يخلو من مدعين لكن لا يلبث أن تتعرف على الغث والسمين بعد قليل".



صفحة الأديب عبدالمجيد
أما الكاتبة د. زينب أبو المجد فقد ساعدها الفيس بوك في نشر يومياتها في الولايات المتحدة والتي صدرت مؤخرا بعنوان "يوميات أبلة في أرياف أمريكا" وكانت في الأصل "نوتات" نشرتها لأصدقائها.

التجاوب الساذج

يعتبر الأديب المصري إبراهيم عبد المجيد أن الفيس بوك أصبح واقع افتراضي بديل عن الواقع الحقيقي، والكلام عن طريقه أكثر سهولة ويسر وبه صراحة أكثر، والتعرف على عدد أكبر من الناس لا تعطينا الحياة فرصة لرؤيتهم ، ويوضح أن من مميزاته كثرة المجموعات في شتى المجالات والتي يصعب الإلمام بها في الحياة العامة.

ولكن على الجانب الآخر يرى الكاتب أنه كثيرا ما يكون هناك نوع من التجاوب الساذج مع الكتابات، أي لا ترقى لمستوى النقد ، كذلك ليس لهذا الواقع الافتراضي تأثير الكتاب بدليل أن معظم المبدعين الذين لديهم مدونات لا يزالون يطبعون كتبهم، فالاعتراف الأخير لازال للكتاب.

محمد حسن غنيم
المصدر
موقع محيط

ليست هناك تعليقات: